مدونون ضد الله
___________
هذا هو النص الكامل (قبل التحرير) للموضوع الذي نشر لي في عشرينات
"عندما خرجت من السجن قلت لنفسي دعنا ننسى هؤلاء الناس و لا ندعهم يؤذون تفاؤلي و لكن هذه التجربة لا تزال عالقة بذاكرتي. لا أزال أتذكر الحراس يتهامسون و مفاتيح تفتح باب زنزانتي" بهذه الكلمات يتذكر المدون الإيراني ميماريان الفترة التي قضاها في السجن بسبب انتفاضات مدونته للسياسات الإيرانية. هذا ما يوضح لنا أن أعداء الكلمة يخافون منها أكثر مما يخافون السلاح . فهم يريدون أن يكبتوا الأفواه ليكلا تفصح عما يدور في عقولها . أو ربما يفضلون الهدوء لكي يريحوا بالهم من تعالي هتافات النقد . و ليقنعوا أنفسهم أن كل شئ يسير على ما يرام . و ليقنعوا الآخرين أن كل منتقد إما كافرا أو مرتدا أو معاديا للوطن أو معاديا للقومية. و لنتذكر كلمات الخميني مرشد الثورة الإيرانية بعد و صوله طهران قادما من باريس عندما اقر مبدؤه الثلاث أولا: أن الرأي العام و الشعب قد اعترفوا به زعيما للبلاد ثانيا انه عين حكومة مؤقتة لإجراء استفتاء ثالثا إن معارضة الحكومة التي عينها تعد معرضة لحكم الله ! . فهو بذلك و بسهولة و قد جعل كل من يقول لا معاديا للملة . هذا ما حدث في القرن الماضي في أواخر السبعينيات . و لقد فاجأتنا السلطات الإيرانية بإحياء للمبادئ الخومينية و هذا بعد تولى احمدي نجاد المقاليد هناك. فقد أعلنت السلطات الإيرانية أن كل صحب مدونة أو موقع شخصي يجب عليه قبل مارس المقبل أن يسجل موقعه أو مدونته لدى السلطات الإيرانية و إلا سيتم حجب موقعه مدونته و يجب على المدون أن يسجل ذاكرا اسمه و عنوانه و الجمهور المستهدف و عدد الزوار المتوقع. وهذا بالطبع لمراقبة و إغلاق الباب على كل المنتقدين للثورة أو الداعين للإصلاح في إيران. هذا مع العلم أن إيران تحتوي على ثاني اكبر نسبة مستخدمين من مجموع شعبها للشبكة الدولية بعد إسرائيل في الشرق الأوسط كما أن اللغة الفارسية تعد اللغة الرابعة على مستوى العالم من حيث التدوين و قد كانت إيران من بين 13 دولة معادية للانترنت في قائمة منظمة صحفيين بلا حدود في نوفمبر 2006.
تاريخ صحفي و إعلامي اسود
في يناير عام 2005 تم الحكم على المدون و الصحفي الإيراني اريش سيجارتشي بأربعة عشر عام بإدانته بجرائم معاداة الدولة الإيرانية و سب الخوميني . و قد تم إطلاق سراحه في 17 مارس 2005 بعد دفع كفاله مقدارها بليون ريال أي ما يعادل 95 ألف يورو قد تم دفعها بواسطة جريدته جيلان ايمروز . و من المدونين مجتبی سمیع نجاد و الذي تم سجنه مرتين من نوفمبر 2004 إلى يناير 2005 و قد تم إلقاء القبض عليه مرة أخرى في فبراير 2005 و ذالك عندما عجز عن دفع الكفالة و قد و وجهت إليه نهمت سباب القائد الأعلى للثورة الإسلامية , و قد ظل 88 يوم في السجن الانفرادي و قد تعرض لعمليات ضرب و تعذيب و قد تم الإفراج عنه في 13 سبتمبر 2006. . و في 27 يناير الماضي اعتقلت سلطات مطار طهران 3 صحفيين يكتبون مقالات على الشبكة الدولية و بعض الناشطين لحقوق المرأة حيث كانوا في طريقهم لحضور برنامج تدريبي للصحفيين في الهند و قد تم تفتيش منازلهم و تحريز أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم و قد تم الإفراج عنهم في 28 يناير و لم تعد أجهزة الكمبيوتر إليهم و قد أخبرتهم السلطات أن التحقيق سوف يستأنف مرة أخرى خلال الأسابيع المقبلة.
و لعل الأمر يبدوا ظاهريا أن السلطات الإيرانية تخاف الشبكة الدولية و لكن مراجعة للتاريخ الصحفي و الفكري في إيراني سوف نجد اضطهاد فكري للفكر الأخر على مستوى واسع . حيث اعتقلت السلطات الإيرانية في مناطق كردستان شمال إيران الصحفي عدنان حسن بور إمام منزله في 25 يناير الماضي و منذ ذالك لا تعرف عائلته عن شيئا و الذي كان صحفيا في جرية اسو و التي أغلقتها السلطات الإيرانية لتناولها أمور شديدة الحساسية لوضع الأكراد الإيرانيين. وقد تم منع الصحفي الإيراني تاجي رحماني في 13 يناير من السفر للدانمرك للحصول على جائزة تقديرية و قد كان تاجي من الصحفيين كثيري المشاكل مع السلطات في الفترة من 1981 إلى 2005 لدرجة انه قد حكم عليه ما مجموعه 5000 يوم في السجن بسبب مقالات قد كتبها . هذا و لا ننسى مذبحة الصحفيين الإيرانيين ما بين 25 نوفمبر عام 1998 و 12 ديسمبر من نفس العام حيث قتل 5 كتاب و صحفيين إيرانيين إما طعنا أو خنقا و لكن المثير للدهشة أن المسئولون عن هذه الجرائم الشنيعة هم الآن ( حسب مصادر منظمة صحفيين بلا حدود ) وزراء و كبار دوله منهم و زير الداخلية الحالي مصطفى بور محمدي و زير المخابرات علام حسين محسيني و المدعي العام ووزير المخابرات سابقا غوربانالي دوري ناجاف ابادي وأنهم لم يقبض عليهم او يحقق معهم . و كل ما حدث ان السلطات ألقت القبض على 15 عميل من عملاء المخابرات و تمت محاكمتهم بإصدار أحكام بالسجن من 3 سنوات إلى 12 سنه لهذه الجرائم البشعة و في دولة إسلامية دينية تحاول أن تتحدث باسم الإسلام !!!
أما على مستوى المواقع العالمية
في تاريخ 5 ديسمبر 2006 حجبت السلطات الإيرانية موقع You Tube الشهير و هو موقع مشاركات فيديو تتم إضافتها بواسطة المستخدم كما تم حجب موقع جريدة نيويورك تايمز لعدة أسابيع و النسخة الكردية من الويكيدبيا لعدة أشهر و من وقت لآخر يحجب موقع البلوجر Blogger . و في أكتوبر 2006 و ضعت السلطات الإيرانية حد أقصى لسرعة الانترنت و هي 128 كيلوبايت في الثانية و من المواقع الممنوع في إيران موقع منظمة العفو الدولية و موقع امازون .
ردود الأفعال
هذا بينما تمت عملية قرصنه على موقع وزارة الإرشاد الإيرانية و هي الوزارة المسئولة عن قرار التسجيل للمدونات و قد كتب المقرصنون ( هاكرز) على موقع الوزارة بالفارسية " لماذا تفعلون شيئا سوف يؤدي إلى ماساه ؟ كما كتبوا أيضا " موقع وزارة الإرشاد الإسلامي قد تم تخريبه , هذا الموقع تم تخريبه نتيجة ضعف الأمان به !!! يجب علي أن أضيف انه بينما الوزارة لا تستطيع أن تحمي موقعها ؟. فكيف لها أن تتكلم عن تنظيم كل المدونات الفارسية ؟؟"
و من بين ردود الأفعال المستاءة فقد ترك بعض المدونين التدوين بالغة الفارسية إلى التدوين بالغة الانجليزية و يقول جادي في مدونته الجديدة " لقد ظللت سنينا أدون في مدونتي الفارسية www.jadi.net و لكن هذه الأيام قد تم حجبها في بلدي و لهذا فعلي أن اكتب هنا بالانجليزية انه لعار . ولكن هذا هو الموقف" يعلق جادي فيما بعد أن التدوين بالانجليزية أفضل من ألا تدوين.
لا يكف احمدي نجاد و رجال الثورة عن سب و لعن الولايات المتحدة في منابرهم بينما يستخدمون تكنولوجيا أمريكية في الحجب حيث أن مثير للدهشة أن برنامج الحجب المستعينة به الحكومة الإيرانية هو برنامج يسمى سمارت فلتر Smart Filter و الذي صممته و طورته شركة سيكيور كومبيوتنج Secure Computing و هي شركة أمريكية مقرها كاليفورنيا !!! . و أن شركة سيكيور كومبيوتنج تنكر تماما أنها باعت البرنامج للحكومة الإيرانية و أن إيران تستخدمه بغير رخصة من الشركة. و ما يؤكد هذا هو وقوع إيران تحت عقوبات الولايات المتحدة الاقتصادية التي تمنع بيع منتجات الشركات الأمريكية إلى تلك الدول الموقع عليها العقوبات.
المدونة المقدسة
ولكن ماذا عن مدونة احمدي نجاد؟ طبعا أنها مدونه مقدسه لا يشوبها شائبة ؟ و ما أن تدخل إليها حتى تجد تعليقات التمجيد و التعظيم لصاحبها احمدي نجاد و أنها لا تحتوي على نقد و احد لكاتب المدونة !!! و قد حققت هذه المدونة أرقام دخول كبيره في بدايتها و لكنها ألان لا يلتفت إليها احد لأنها فقدت مصداقيتها و لان احمدي نجاد لا يدرك المعنى الحقيقي و راء التدوين و هو حرية التعبير ,. فماذا عن رجل كبت حرية التعبير في مدونته الشخصية ؟ و مما لا شك فيه انه قد أضيفت تعليقات نقد لا نهاية لها و لكنها بتأكيد قد تم حجبها ...
ما يبدوا لنا أن قرارات تحجيم المدونين بما فيها الحجب أو الاعتقال هي نابعة من مجموعة متشددة من رجال الدين الذين يريدون تنميط العقول أو هو غيرة منهم على المدونين الذين يكتسبون شعبيتا و حبا تفوقهم فأرادوا أن يضعوا الحدود و الحواجز على التدوين حتى لا يتبقى إلا هم و أرائهم وهذا مشهود في مدرسة التدوين و التي أنشاؤوها في مدينة قم المقدسة لكي تروج لأفكارهم الدينية و السياسية . و أكثر شيئا يخافه هؤلاء الناس هو بيئة متوازنة بين المؤيد و المعارض . بيئة ديمقراطية لا يعتقل شخص لسبب رأي أو فكرة و إنما تواجه الفكرة بالفكرة و الرأي بالرأي.
أخيرا يبدوا أن احمدي نجاد قد وضع المبدأ الثالث للخميني "إن معارضة الحكومة التي عينتها تعد معرضة لحكم الله" على شاشة توقفه Screen Saver حيث يكثر من تأملها !!!
1 Comments:
يبدو أن البشرية اكتسبت كاتبا جديدا عصريا .. ورائع
Post a Comment
<< Home