Friday, November 09, 2007

التعيس

لم يكن يتوقع انها ستكون الامنيه الوحيدة التي سوف تحقق له . "لقد تمنيت امنيات كثيره و عايشت احلاما عديده و لم تكون الا وهما او خيالات تافهه لم يتحقق منها اي شئ وحتى هذه لم اتأكد من انها ستتحقق"

لم يكن يصدق ما يحدث حتى وهو يرى طائرته وقد بدأت تهوي لترطم بسطح البحر والذي سوف يتحول الى سطح صلب يمزق الطائرة فقد علم انه من اؤلئك الذين قيل لهم "اذهب لتشقى في دنياك" .

كان هو ذلك الشاب في الخامسة و العشرين من عمره و كان يعد نفسه اتعس اهل الكون الواسع. لقد توفي ابوه وهو في الثالثة من عمره وتخلت عنه امه وهو في الرابعه لتتزوج احد الاوغاد " وقد ملئتي اوغادا ايتها الملعونه" قال محثا نفسه و هو ينظر للوجوه المصفره هلعا
تذكر عندما اواه احد الملاجئ حيث شعر ان قدره بدئ في التبسم من جديد او لنقل للمره الاولى !. كان هذا في السادسه عندما تعلم الابجدية في مدرسة الملجأ "ياله من مكان قذر مليئ بالاكاذيب" . كان يحب ان يرسم لنفسه صورة ضابط احبها كثيرا و لصقها على الحائط بجوار سريره المعدني "نعم تمنيت ان اكون ضابطا ولكنى كرهت هذه الرسمه عندما ذقت قساوة كفوفهم وهم يضربونني" حيث كان يتناول احدى المخدرات و التي انتشرت في زمن الضجيج "نعم كانتي حياتي كلها ضجيجا" كان مايزال غلاما فى العاشره و لم يكن خطؤه و انما فساد واهمال الملجاء فلم يحسنوا اي شئ بل لوثوا القلوب البريئة "ومنذ متى كانت البراءة في هذا العالم".

هاهو البحر البعيد اقترب اكثر ولم تتوقف الطائرة عن السقوط و قد اصمه صوت الصراخ و النحيب وصوت احتكاك الطائرة بصفائح الهواء الحاده التي بدأت تمزق جسمها. تذكر الاحداثية تذكر الكره الذي ملاء القلوب الرقيقه لقد تلقى الكثير من الضرب من الرفاق هناك و لم يرحمه عسكر الاحداثيه "الاغبياء لا يفهمون الا العنف" تذكر انه لم يصاحبه احد و لم يحبه احد بالرغم من محاولاته الكثيره للتقرب من كل بشري وقعت عليه عيناه.

وفي يوم من ايام الظلام ظهر ملاك النور الذي اضاء حياته. لقد قابلها صدفه في احدى الامكان عادت الاحلام تحي قلبه من جديد تذكر انه احبها حبا شديدا "لقد احببتك كثيرا" لقد روى لها كل شئ حدث منذ ولدته امه لقد روى لها قصص التعذيب و الكراهيه و فقدان الامل روى لها كم ليله بكاها لقد كان يتذكر كل شئ روى لها كيف انه لم يفلح في دراسته روى لها انه حاول ان يفعل كل ما يعده هذا العالم جيدا ولكن العالم تخلى عنه روى لها عن عدد المرات التي قطعت رسمة الضابط التي كان يتمناها و كم مره اعد رسمها الى ان مزقها هو بنفسه.

لم تكن تتكلم الا بعد تمسح دموعه بيديها الرقيتين التي لا تقارن بكفوف حراس الاحداثية ثم تقسم له تسعه وتسعين قسما بعدد اسماء الله بانها لن تتركه ابدا وانه هوحلمها. مرت عليه ايام سعيده بعدد يقارب تلك الايام التعيسه التي قضاها في الحزن ولكنه ادرك انه عاش في وهم خلقته تعاسته و انها اختفت في ليلة ظلماء ككل ايام حياته "اللعنه عليكي ايتها الخائنه" "كنت على وشك ان يتمنى امنيه الموت ولكنه ذكر نفسه باحديث عن العظماء وانه لايزال في مقتبل العمر وان القادم هو افضل من الذي ولى.

ذهب لاحدهم لؤلئك الذين يتاجرون باحلام الذهاب الى بلاد الشمال الجميلة . اعطى له كل مايملك وركب هذه السفينه القديمة التي تشبه سفن القراصنة التي شاهدها في تلفاز الملجأ . و التي سوف تعبر به الى تلك الاراضي التي سوف تنسيه كل شئ . وعد نفسه بالتغيير بنى حلما اخر وصل الى الشمال حيث رأى الوجوه البيضاء و الاسفلت الاسود "ما اجمل هذه البلاد !" ادخل يديه في جيوبه و ظل يمشي في الشوارع يتأمل البلاد و العباد نسى تحذيرات سبق ان سمعها عن عدم الظهور كثيرا وانه يجب على امثالهابقاء رؤسهم للاسفل . ولم يقطع ورد تأمله الا يد رقيقه تربت على كتفه نظر اليه فوجده ضابطا اندهش فلم يعهد بهذه الرقه في بلده. للحظة تذكر هذا الحلم القديم حلم الضابط. طلب منه جواز سفره وضع يده في جيبه "اللعنه!!" لم تكن تللك اليد البارده التي ربتت على كتفه يد خير بل لتقتل حلمه الذي كان على وشك التقق وتعيده من حيث جاء ولكن على متن طائره.

"اني اكرهك ايها السقيم" "اكرهك يا عديم الفائده" "الا تسقطين بنا ايتها الطائرة الملعونه" قال هذا وهو يصرخ في مكان تجمع التعساء من امثاله في احدى المطارات الشمالية تحت حراسة مشدده لينقلوهم الى ارض تعاستهم فقد كان شعارهم "ارض التعساء للتعساء"

"لماذا تبكون ايها الاوغاد" " اتخافون الموت؟؟" "الم الموت هو الحقيقه المؤكد حدوثها في هذه الدنيا؟ وكانت كل احلامكم مجرد اوهام تحتمل الحدوث؟" تمنى لو يستطيع ان يذهب الى مقدمة الطائرة ليخطب في من هو ميت عما قريب لعله يشعر بفائدته في هذا العالم التافه للحظه الاخيره "و لكن لا "هذا ما استحقه" "استعد ايها التعيس لتستقبل مياه البحر وانت فاتح ذراعيك عن اخرهم" كانت الطائرة قد اقتربت من محطة فنائها وكانت اصوات الصراخ قد كفت ولم يبقى سوى صوت الهواء الذي يتخرق الطائرة من الداخل ليحولها لانبوب يصدر صفيرا يصم الاذان. شعر بالغثيان و انه على وشك فقدان الوعي ناداه صوت من داخله "افتح عينيك ايها التعيس لترى حلمك يتحقق"


Labels:

8 Comments:

Blogger MarwaAshraf said...

إنه حقا تعس ... يااااااااااه كل ده

كئيبة أوي بس حلوة أوي

تحياتي لقلمك

11:44 AM  
Blogger dead man said...

الم الموت هو الحقيقه المؤكد حدوثها في هذه الدنيا؟

ما هي الحقيقة

2:23 PM  
Blogger Wonderings caught on a keyboard said...

This is the second post I read today about people hating the misery in this country...but your story has some (just a little) autobiography in it, right?

I would have loved the story more if it had some kind of happy ending. If you go through the whole thing, you'll find that the guy had only two happy things in his whole life: his dream of becoming an officer and his love for that girl. He lived for 25 years, it would be nice if you could make him happy for some years.

3:17 PM  
Blogger أحمد القطب said...

تعليقاً على تعليقك على مدونة الحرب الحديثة:
......................
كانت مسرشمت-109 طائرة القتال الرئيسية في معظم المعارك الجوية خاصة معركة بريطانيا، وكانت مسرشمت-110 قاذفة استراتيجية ثقيلة وقد شاركت في عمليات الغزو أيضاً، وفي نهاية الحرب ظهرت مسرشمت-262 النفاثة كأسرع طائرة مقاتلة على وجه الإطلاق، وحققت نجاحات في مهام اعتراضية في مواجهة قاذفات الحلفاء، هذا بالإضافة إلى مسرشمت-163 المدفوعة بمحرك صاروخي، والتي لم تكن مجهزة بمعدات هبوط كاملة ولم تتمكن من أداء دور مؤثر في المعركة إذ كان الرايخ الألماني كله يتهاوى.. وكان قد فات الأوان لكسب معارك عسكرية أو إحراز انتصارات على الأرض..

بعد الحرب، توجهت معظم الشركات والمصانع الألمانية للإنتاج المدني، غير أن التقنيات التي قدمتها هاينكل ومسرشمت خلال الحرب سرعان ما انتقلت إلى الولايات المتحدة وبريطانيا واستخدمت كأسس لتطوير جيل جديد من الأسلحة.

7:51 AM  
Anonymous Anonymous said...

أ.احمد
والله برافو عليك انك قدرت تناقش -ادبيا- وتلقى الضوء على ظاهرة الجميع بيهرب منها

بالتوفيق ان شاء الله

6:57 AM  
Anonymous نادي حواء said...

شكرا علي المجهود

4:36 AM  
Anonymous العاب النادي said...

تسلم الايادي

1:37 AM  
Anonymous سيارات said...

يعطيك العافية

2:25 AM  

Post a Comment

<< Home